[color=blue][size=24][b]ان الحمد لله تعالى نستهديه ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا فانه من يهده الله فهو المهتدى ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اخوتى واخواتى فى الله طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا أما بعد (الاداب الاسلامية) (أ)اداب الاعياد
في يوم عيد دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على ابنته السيدة
عائشة-رضي الله عنها- وكانت عندها جاريتان من جواري الأنصار، تُغنِّيان بماقالته الأنصار من شعر عن حرب يوم بُعاث (هي حرب كانت بين الأوس والخزرجقبل الإسلام) فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى اللهعليه وسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذاعيدنا) [البخاري].
***
جعل الله -تعالى- للمسلمين عيدين، هما عيدالفطر، وعيد الأضحى، يأتيان بعد أداء فريضتين من فرائض الإسلام، فيأتي عيدالفطر بعد فريضة صوم رمضان، ويأتي عيد الأضحى بعد أداء فريضة الحج، وأعيادالمسلمين تعبر عن فرحتهم وسعادتهم بما أكرمهم الله به من توفيق وإعانة لهمعلى الطاعة، قال تعالى:
{قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 58].
ومن الآداب التي نراعيها في أعيادنا:
إحياءليلة العيد بالقيام والذكر: فليلة العيد من الليإلى المباركة التي يكثرفيها الخير والأجر والثواب؛ لذا يجب على المسلم أن يحرص في ليلة العيد علىذكر الله والقيام والصلاة حتى يفوز برضا الله -سبحانه-.
الغُسل والتطيبولبس أجمل الثياب: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس عند الخروجإلى صلاة العيد أجمل ثيابه، فعن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: أمرنارسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وكان رسولالله صلى الله عليه وسلم يلبس للعيدين أجمل ثيابه.
[الحاكم].
الأكلقبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر: فمن السنة أن يأكل المسلم تمرات وترًا قبلالذهاب إلى صلاة عيد الفطر، ويؤخر الأكل حتى يرجع من الصلاة في عيدالأضحى؛ فيأكل من أضحيته إن كان قد ضحَّى، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعم، ولا يطعم يومالأضحى حتى يصلي [الترمذي].
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى. [الترمذي]
التبكيرفي الذهاب إلى المصلَّى: المسلم يستيقظ في يومي العيد مبكرًا، فيصليالفجر، ثم يخرج إلى مكان الصلاة، ففي يوم عيد الأضحى، قال النبي صلى اللهعليه وسلم: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر (أينذبح الأضحية) [البخاري].
الصلاة في الخلاء: من السنة أداء صلاة العيدفي الخلاء والأماكن الفسيحة، ما لم يكن هناك عذر كمطر أو نحوه، وقد كانالنبي صلى الله عليه وسلم يخرج في صلاة العيد إلى الخلاء (المصلَّى). ولميصلِّ النبي صلى الله عليه وسلم العيد بمسجده إلا مرة واحدة لنزول المطر،فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أصاب الناسَ مطرٌ في يوم عيد علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم في المسجد. [ابن ماجه].
خروجالنساء والصبيان: يستحب خروج النساء والصبيان في العيدين للمصلى؛ فعن أمعطية الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: (أُمِرْنا أن نُخْرج العواتق(البنات الأبكار) وذوات الخدور، ويعتزل الحُيضُ المُصَلَّى [البخاري].
تأخيرصلاة عيد الفطر وتعجيل صلاة عيد الأضحى: وذلك حتى تصل الزكاة للفقير قبلعيد الفطر، فيسعد بها هو وأبناؤه، ويُعَجَّل بصلاة عيد الأضحى، حتى يتمكنالناس من ذبح أُضحياتهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عيد الفطر بعد الشروق بنحو عشرين دقيقة، ويصلي الأضحى بعد الشروق بنحو عشر دقائق تقريبًا.
عدمالأذان أو الإقامة لصلاة العيدين: فعن جابر بن سَمُرَة -رضي الله عنه-قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغيرأذان ولا إقامة. [الترمذي].
عدم الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها: صلاةالعيد ليس لها سنة قبلها أو بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلموأصحابه يصلون إذا ذهبوا إلى المصلى شيئًا قبل صلاة العيد ولا بَعدها. قالابن عباس -رضي الله عنه-: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد،فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما [متفق عليه].
الجلوس لاستماعالخُطبة بعد الصلاة: فقد كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحىإلى المصلى، وأول شيء يبدأ به هو الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس،والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فعن ابن عمر -رضي اللهعنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر -رضي اللهعنهما- يصلون العيدين قبل الخطبة. [البخاري].
وعن ابن عباس -رضي اللهعنهما- قال: خرجتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى، فصلى، ثمخطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهـن بالصدقة. [البخاري].
المصافحةوالتهنئة: إذا انتهى المسلمون من أداء صلاة العيد، فعليهم أن يبادروابالتصافح والتسليم وتبادل التهنئة، فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِر لهما قبل أن يفترقا [أبوداود والترمذي وأحمد].
الرجوعمن طريق آخر: المسلم يرجع إلى بيته -بعد أداء صلاة العيد- من طريق مخالفلطريق الذهاب، وذلك لتشهد له الملائكة، ويأخذ الأجر باتباع سنة النبي صلىالله عليه وسلم؛ فإنه إذا كان يوم عيد خالف الطريق. [البخاري] ويجوزالرجوع من نفس الطريق، وإن كانت مخالفته أفضل.
صلة الأرحام: فذلك منسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بصلة الأرحام والأقارب وزيارتهموتهنئتهم بالعيد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يبسط له فيرزقه، وينْسَأَ له في أثره، فليصل رحمه [متفق عليه]. وإن كانت صلة الأرحامواجبة في غير أيام العيد، فهي في العيد أولى.
العطف على الفقراءواليتامى: المسلم يكثر من الصدقة والإنفاق على الفقراء والمساكين، ويمسحدموع اليتامى، ويحسن إليهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاةالفطر إلى الفقراء والمستحقين قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، فقال:(أغنوهم في هذا اليوم [البيهقي والدارقطني].
اللعب واللهو المباح: لايمنعنا ديننا السمح من الترويح عن النفس، ومنحها البهجة والسرور، قال أنس-رضي الله عنه-: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبونفيهما، فقال: (قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى[النسائي].
عدم الصوم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوميالعيد سواء أكان الصوم فرضًا أم تطوعًا، قال عمر بن الخطاب -رضي اللهعنه-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين: (أمايوم الفطر ففطركم من صومكم، وأما يوم الأضحى فكلوا من نُسُككم [أحمد]. كمايكره صيام أيام التشريق -وهي الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى-.
التكبيرفي أيام العيدين: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر منالتكبير في يومي العيدين وفي الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى، وهيتسمى: أيام التشريق، حتى عصر اليوم الثالث.
ومن صيغ التكبير: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد [الدارقطني].
فماأجمل الإسلام الذي حرص على أن يدخل الفرحة والبهجة على المسلمين من حينلآخر! فجعل لهم عيدين، يسعدون بهما ويفرحون، وفي هذين اليومين يتصافىالمسلمون جميعًا، فلا مكان للتخاصم بينهم.
(ب) آداب الطعام والشراب
كان عمر بن أبي سلمة -رضيالله عنه- غلامًا صغيرًا تربى عند النبي صلى الله عليه وسلم، وذات يوم جلسيأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يأكل من أمامه، ولا يتأدببآداب الطعام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سَمِّ الله،وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك [متفق عليه].
***
جلس رجل مع النبيصلى الله عليه وسلم على طعام، فأكل الرجل بشماله، فنهاه النبي صلى اللهعليه وسلم عن ذلك، وقال له: (كل بيمينك). فتكبر الرجل وقال: لا أستطيع -معأنه يستطيع أن يأكل بيمينه- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لااستطعت) ما منعه إلا الكبر. فُشُلَّتْ يد الرجل، ولم يقدر على رفعها إلىفمه بسبب كبره ومخالفته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم. [مسلم].
***
الإنسانلا يستغنى في حياته عن الطعام والشراب، لكن المسلم لا ينظر إلى الطعاموالشراب على أنهما هدف وغاية ينبغي أن يسعى إليها، وإنما يجعل طعامهوشرابه وسيلة يتوصل بها إلى الحفاظ على حياته ومرضاة ربه سبحانه.
وهناك آداب يجدر بكل مسلم أن يتحلى بها في طعامه وشرابه، وهي:
الأكلمن الحلال: على المسلم أن يحرص على الأكل من الحلال واجتناب الحرام، يقولتعالى:{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتمإياه تعبدون} [_البقرة: 172]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طلبالحلال واجب على كل مسلم. [الطبراني]. لذلك فالمسلم يبتعد عن الطعاموالشراب المحرم، مثل لحم الخنزير، والدم، والميتة، والخمر،... ويستمتع بماخلقه الله من طيبات.
الاعتدال: فالمسلم يعتدل في الأخذ بأسباب الدنيا وملذاتها، وقد أمر
الله-سبحانه- بالتوسط في الطعام والشراب، فقال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنهلا يحب المسرفين} [الأعراف: 31]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدميوعاءً شرَّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقِمْنَ صلبه، فإن كان لا محالةفثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه [الترمذي].
غسل اليدين قبل الطعام: المسلم يحرص على النظافة، وغسل اليدين قبل الأكل وبعده؛ لأن دينه دين النظافة والطهارة.
التسميةفي أول الطعام: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسمالله -تعالى- فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم اللهأوله وآخره [أبو داود والترمذي]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأىرجلا يأكل، ولم يسَمِّ الله حتى لم يبْقَ من طعامه إلا لقمة، فلما رفعهاإلى فيه (فمه) قال: باسم الله أوله وآخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلمثم قال: (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه.
[أبو داود والنسائي].
عدمعيب الطعام: المسلم لا يعيب طعامًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلمفقد كان لا يعيب طعامًا أبدًا، إن أحبه أكله، وإن كرهه تركه.
النية فيالطعام: المسلم يحول جميع أعماله إلى طاعة وعبادة باستحضار النية الصالحة،فهو يأكل امتثالا لأمر الله -سبحانه- ومن أجل تقوية جسمه والمحافظة علىحياته؛ حتى يؤدي دوره في الحياة ويقوم بعبادة الله.
التفكر في آلاءالله المنعم الرازق: فعلى المسلم أن ينظر فيما أمامه من ألوان الطعاموروائحه المختلفة وأصنافه المتعددة، وقد خرجت كلها من الأرض، فسبحان اللهالذي أنبتها وهيأها للإنسان.
الأكل من جانب الطعام: المسلم يأكل منجانب الطعام مما يليه ولا يأكل من وسطه، وقد أمر صلى الله عليه وسلم عمربن أبي سلمة أن يأكل مما أمامه. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكمطعامًا فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزلمن أعلاها [أبو داود والترمذي].
الاجتماع على الطعام: يستحب الاجتماععلى الطعام لتنزل البركة على الحاضرين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعةيكفي الثمانية [مسلم].
وقد جاء جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم يشكون إليه أنهم يأكلون ولا يشبعون، فقال لهم النبي صلى الله عليهوسلم: (فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه [أبو داود].
عدماستعمال أواني الذهب والفضة: لا يجوز للمسلم أن يستعمل الأواني المصنوعةمن الذهب والفضة في طعامه أو شرابه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنالذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم.[مسلم]. والمسلم يأكل بيده، أو ما تيسر له من أدوات المائدة.
جلسةالطعام: يستحب للمسلم إذا كان يأكل على الأرض أن يجلس على إحدى قدميهويرفع الأخرى، ولا مانع من أن يتناول طعامه على مائدة، ويكره أن يجلسالمسلم متكئًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا آكل متكئًا).[البخاري].
عدم الأكل في الشارع: المسلم يتجنب الأكل والشرب وهو يمشي في الشوارع؛ لأن ذلك لا يتناسب مع آداب الأكل، وينافي آداب الطريق.
كيفيةالشرب: إذا أراد المسلم أن يشرب ماءً أو غيره -مما أحل الله من المشروبات-فعليه أن يشرب على ثلاث مرات وأن يتنفس خارج الإناء، وأن يسمي الله إذاشرب ويحمد الله إذا انتهى، ولا ينفخ في الشراب، فقد كان النبي صلى اللهعليه وسلم لا ينفخ في شراب. [ابن ماجه] وروي أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: (لا تشربوا واحدًا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى
وثلاث، وسمُّوا إذا شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم [الترمذي].
حمدالله عقب الأكل: إذا انتهى المسلم من طعامه فإنه يحمد الله -سبحانه-ويشكره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعامًا فقال: الحمد للهالذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. غفر له ما تقدم من ذنبه[أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد].
وكان النبي صلى الله عليه وسلمإذا رفع مائدته قال: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غيرمَكْفِي ولا مُستغني عنه ربنا [البخاري]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنالله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمدهعليها [مسلم والنسائي والترمذي].
الاقتصاد في الطعام: المسلم يقتصد فيطعامه وشرابه، فهو يشتري كمية الطعام التي تكفيه، حتى لا يضطر إلى إلقاءكميات كبيرة من طعامه في سلة القمامة، فهو يعلم أن هناك من المسلمين فيأنحاء العالم من لا يجد لقمة خبز ولا
شربة ماء.
بقايا الطعام:الإسلام دين النظافة، والمسلم نظيف، لا يلقي القمامة في الشارع، ولكنهيحرص على وضعها في صندوق خاص، فإلقاء القمامة في الشوارع تؤدي إلى كثرةالحشرات، مما يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، وليحرص المسلم على أنيكون طعامه على قدر حاجته، فإن اشترى طعامًا يعلم أنه زائد عن حاجته؛ أهدىلجيرانه منه.
أكل طعام غير المسلمين: أحلَّ الله للمسلم أن يأكل منأطعمة أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) قال تعالى: {اليوم أحل لكمالطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} [المائدة: 5]وذلك بشرط ألا يكون الطعام والشراب حرامًا مثل لحم الخنزير أو الخمر،فعندئذ لا يحل أكله أو
شربه.
(ج)آداب قضاء الحاجة
عنأبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نزلتْفي أهل قُبَاء: {فيه رجاليحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}[التوبة:108]. كانوا يستنجونبالماء، فنزلت فيهم الآية [أبو داود والترمذي
وابن ماجه].
***
قيللسلمانالفارسي -رضي الله عنه- قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة (قضاءالحاجة)[مسلم]. فما أعظم هذا الدين! ما ترك شيئًا -ولو صغيرًا- إلا دلَّالمسلمينعليه، ومن الآداب التي يحرص عليها المسلم في قضاء حاجته:
قـضاءالحاجةفي المكان المخصص: المسلم يجتنب قضاء الحاجة والتبول في مواردالماء، أو فيمكان تجمع الناس أو في ظلهم، أو في الطرقات أو الشوارع علىمرأى من الناس.
قالالرسول صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللَّعَّانين).قالوا: وما اللعانان يارسول الله؟ قال: (الذي يتخلَّى (يقضي حاجته) فيطريق الناس أو في ظلهم[مسلم].
الدخول بالرِّجل اليسرىوالخروجبالرِّجل اليمنى: الخلاء أو دورة المياه مكان توجد فيه النجاسات،لذلكفالمسلم يدخل إليه برجله اليسرى، ويخرج برجله اليمنى.
الدعاءقبلالدخول: يقول: (بسم الله. اللهم إني أعوذ بك من الخُبْثوالخبائث[النسائي]. أي أتحصن وأعتصم بالله من ذكور الشياطين وإناثهم.
عدماصطحابشيء فيه ذكر الله: المسلم لا يدخل الخلاء ومعه مصحف أو شيء فيه ذكراسمالله، إلا إذا كان لا يأمن عليه عند تركه بالخارج؛ وقد كان للنبي صلىاللهعليه وسلم خاتم منقوش فيه: محمد رسول الله.. وكان إذا دخل الخلاءوضعخاتمه. [أبوداود].
عدم التحدث أثناءقضاء الحاجة: فقد مر رجل علىالرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسَلَّمعليه فلم يرد عليه. [مسلم].ويكره أن يجتمع اثنان على قضاء الحاجةويتحدثان، فقد أخبر النبي صلى اللهعليه وسلم أن الله يكره
ذلك.
التعجل في الخروج بعد قضاء الحاجة: فإن أتم المسلم قضاء حاجته، فعليه ألا يطيل المقام في الخلاء، ويخرج سريعًا.
عدم الإسراف في المياه: فالإسراف في كل شيءٍ مذموم، قال تعالى: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31].
استخدام اليد اليسرى: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا بال أحدكم فلا يأخذنَّ ذكره بيمينه، ولا يستنجى بيمينه [متفق عليه].
عدماستقبالالقبلة أو استدبارها: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الغائطفلاتستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط لكن شرقوا أو غربوا[مسلم].
أما إذا كان في البناء كدورات المياه الحالية، فقد أجاز بعض الأئمة له ذلك.
التستر:إذاكان المسلم على سفر أو كان في أرض ليس بها مكانٌ مخصصٌ لقضاء الحاجة،فلهأن يقضيها بعيدًا عن أعين الناس، مع مراعاة التستر، ولا يكشف من عورتهإلاما يحتاج إليه لقضاء حاجته، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرجنا معالنبيصلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايأتيالبَرَازَ (مكان قضاء الحاجة) حتى يتغيب (يختفي) فلا يرَى. [ابنماجه].
ومَرَّصلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: (إنهما ليعذبان، ومايعذبان في كبير:أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشيبالنميمة.
[متفق عليه].
الاستنجاء: وهو تنظيف محل البول أو البراز بالماء أو الحجارة، وقد مدح
الله-سبحانه-الصحابة -رضوان الله عليهم- لاستنجائهم بالماء، فقال تعالى: {فيهرجاليحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108].
الاستجمار: وهو استخدام ثلاثة أحجار في إزالة النجاسة، وذلك عند عدم وجود الماء، ويمكن استخدام المناديل الورقية، أو ما يحل محلها.
عدم التبول في مهب الريح: لئلا ترتد إليه النجاسة.
عدم التبول في الماء الراكد: فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد. [النسائي].
عدم التبول في جحر: خشية أن تصيبه حشرة أو أذى.
الجلوسعندالتبول: الجلوس أثناء التبول أفضل من الوقوف حتى لا يعود رذاذ البولعليه،فتصيبه النجاسة، فإن تأكد من عدم رجوعه عليه يمكن له أن يبول واقفًا.
غسل الأيدي وتنظيفها: المسلم يحرص على غسل يديه بالماء والصابون بعد قضاء حاجته.
الدعاءعندالخروج: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الغائط قال:(غفرانك)[أبوداود]. وكان يقول: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)[ابن ماجه].
الوضوء:كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- يتوضأ بعد أنيقضي حاجته ويصلي، فقال لهالنبي صلى الله عليه وسلم: (يا بلال، حدثنيبأرجى عمل عملتَه في الإسلام،فإني سمعت دَفَّ نعليك بين يدي في الجنة(أي: اذكر لي أفضل عمل عملتهَ؛لأنني سمعت صوت أقدامك في الجنة في رؤيارأيتها بالأمس). قال بلال: ما عملتعملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًافي ساعة من ليل أو نهار إلا صليتُبذلك الطهور ما كُتِبَ لي أن أصلي.[متفق عليه].
(د)آداب النوم
نام الرسول صلى الله عليه وسلم عند أمالمؤمنين السيدة ميمونة -رضي الله عنها- حتى منتصف الليل، ثم استيقظ، فأخذيمسح وجهه بيده ليذهب أثر النوم، وقرأ آخر عشر آيات من خواتيم سورة آلعمران، ثم قام فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى. [البخاري].
***
النومنعمة من نعم الله تعالى، وآية من آياته سبحانه، يقول الله -تعالى-: {ومنآياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوميسمعون} [الروم: 23].
وحتى يستفيد المسلم من نومه، ويجعله طاعة لله ربالعالمين؛ فهناك عدة آداب ينبغي على المسلم أن يراعيها وأن يحرص عليها عندنومه، وهي:
النوم مبكرًا: فالمسلم ينام مبكرًا، ولا يكثر من السهر بعد العشاء إلا لضرورة كمذاكرة علم؛ وذلك ليستيقظ مبكرًا، ويبدأ يومه نشيطًا.
النوم على وضوء: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتَ مضجعكَ فتوضأ وضوءك للصلاة) [متفق عليه].
النوم في مكان نظيف: فالمسلم يحرص على نظافة المكان الذي ينام فيه، فلا يأكل ولا يشرب في مكان نومه.
النومفي مكان آمن: المسلم يحرص على أن ينام في مكان آمن، لا يتعرض فيه لأيةأخطار، فلا ينام -مثلاً- على سطح ليس له سور. قال صلى الله عليه وسلم: (مننام على سطح بيت ليس له حِجَار (سور) فقد بَرِئَتْ منه الذمة (أي لا ذنبلأحد فيما يحدث له) [أبو داود].
الدعاء عند النوم: فهناك أدعية وأذكار مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلم أن يحافظ عليها عند نومه ومنها:
-(باسمك اللهم أموت وأحيا) [البخاري].
-(باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) [البخاري].
-(اللهمأسلمتُ نفسي إليك، ووجهتُ وجهي إليك وفوضتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك،رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأَ ولا منجى منك إلا إليك، آمنتُ بكتابك الذيأنزلتَ، وبنبيكَ الذي أرسلتَ) [البخاري].
-سبحان الله (33) مرة، الحمد لله (33) مرة، الله أكبر (43) مرة. [البخاري].
-قراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة.
النوم على الجنب الأيمن: فالمسلم يبدأ بالنوم على شقه الأيمن، ولا بأس من التحول إلى الشق الأيسر فيما بعد ذلك.
محاسبةالنفس: فالمسلم يعلم أن النوم موتة صغرى قد لا يقوم منها، لذا فهو يحاسبنفسه على ما فعل في يومه، فإن كان خيرًا حمد الله، وعزم على المزيد، وإنكان شرَّا طلب من الله المغفرة والتوبة.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزَنوا.
الالتزامبآداب الرؤيا: فإن كانت الرؤيا خيرًا فليستبشر بها ويذكرها لإخوانه، وإنكانت الرؤيا محزنة فلا يذكرها لأحد وليستعذ بالله من شرها.
قيام الليل: المسلم يحرص على صلاة القيام والتهجد في الليل. قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) [مسلم].
الحرص على صلاة الفجر: فيجب على المسلم أن يستيقظ مبكرًا ويصلي الفجر، ولا يظل نائمًا حتى شروق الشمس.
الدعاءعند الاستيقاظ من النوم: إذا استيقظ المسلم من نومه فإنه يقول: الحمد للهالذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. ثم يغسل يديه ويتوضأ.
تقليل ساعات النوم: الاعتدال في كل شيء هو سمة من سمات المسلم، فهو لا يسرف في النوم؛ لأن كثرة النوم تؤدي إلى الكسل والخمول.
(ه)آداب اللباس
دخل أحد الصحابة على رسول الله صلىالله عليه وسلم، وكان يلبس خاتمًا من ذهب، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلمبيده، وخلع الخاتم من إصبعه، وألقى به على الأرض، وقال: (يعمد أحدكم إلىجمرة من نار فيجعلها في يده) ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضالناس للرجل: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا. والله لا آخذه أبدًا وقد ألقاهرسول الله صلى الله عليه وسلم.
***
كان العرب قبل الإسلام يطوفونحول الكعبة وهم عراة، يقصدون بذلك أن يتجردوا من كل الثياب التي عصوا الله-تعالى- فيها، فأتى الإسلام وأكد أن العبرة بطهارة الجوهر مع التحليبالزينة المناسبة، قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}[الأعراف: 31].
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع صحابته فقال لهم:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر). فقال رجل: إن الرجل يحبأن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة. فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن حُسنالمظهر وجمال الملبس أمر حسن يحبه الإسلام وليس من الكبر، قائلا: (إن اللهجميل يحب الجمال. الكِبْرُ بطر الحق (إي إنكاره) وغمط الناس (أي احتقارهم)
[مسلم].
والمسلميعلم أن الملابس نعمة من الله تعالى لعباده؛ فبها يسترون عوراتهم، ويتقونالحر والبرد، قال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر}
[النحل: 81].
وقالتعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا ولباسالتقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} [الأعراف: 26]. وهكذا ترشدالآيات إلى أهمية الملابس التي تستر النفس، كما ترشد إلى أن خير ما يسترالإنسان به نفسه التقوى؛ لأنها تقي صاحبها من عذاب الله وغضبه، كما تقيالثياب الجسد من الحر والبرد.
ويقول الشاعر:
إذا المرءُ لم يلبسْ ثيابًا من التُّقـى
تقلب عُريانًا وإن كـأن كـاسـيـا
وخير لـباس المـرءِ طاعة ربـه
ولا خيـر فيمن كان لله عـاصــيا
وهناك آداب يحرص المسلم على الالتزام بها في زيه ولباسه، منها:
عدم التباهي بها: فعلى المسلم ألا يتخذ من ملابسه وسيلة للمباهاة والتفاخر.
وليسمن التباهي حب المرء أن يكون ثوبه حسنًا وملبسه حسنًا، فقد ظن بعض الصحابةأن ذلك من التباهي والكبرياء فحزن لذلك، فطمأنه الرسول صلى الله عليه وسلموقال: (إن الله جميل يحب الجمال) [مسلم].
التوسط: فلا تكون باهظة الثمن؛ لأن ذلك من قبيل الإسراف، ولا تكون رخيصة، بل تكون متوسطة. فالتوسط في الأمور كلها مطلوب ومحمود.
مناسبتهاللمرء: فلا تلبس النساء ملابس الرجال، ولا يلبس الرجال ملابس النساء. وفيالحديث: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبسة المرأة،والمرأة تلبس لِبسة الرجل) [أبو داود].
ألا يلبس الرجال الحرير والذهب: قال صلى الله عليه وسلم: (حُرِّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم) [أحمد والترمذي].
الجمالوالتناسق: بحيث تكون مناسبة للحجم، فلا يرتدي الصغير ملابس الكبير، ولايرتدي الكبير ملابس الصغير حتى لا تبعث على السخرية، ويحسن أن تكونألوانها متناسقة.
التصدق بالملابس: فيقوم المسلم بإعطائها من يستحقتقربًا إلى الله -تعالى-. قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم كسا مسلمًاثوبًا إلا كان في حفظٍ من الله ما دام منه عليه) [الترمذي].
ارتداءالثياب البيضاء: قال صلى الله عليه وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنهاأطهر وأطيب، وكَفِّنوا فيها موتاكم) [النسائي]. وهذا الأمر على سبيلالاستحباب، وليس الإلزام، فلا مانع أن يلبس الإنسان من الألوان الأخرى مايناسبه.
شكر الله على الثوب الجديد: فقد كان رسول الله صلى الله عليهوسلم إذا لبس ثوبًا جديدًا سماه باسمه -قميصًا أو رداءً أو عمامة- ثميقول: (اللهم لك الحمد. أنت كسوتَنيه أسألك من خيره وخير ما صُنع له،وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) [أبوداود والترمذي].
والمسلم يحمد ربهعلى نعمة الثياب والملابس، فيقول: (الحمد لله الذي كساني ما أواري بهعورتي وأتجمل به في الناس) [الترمذي]. وكان أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم إذا لبس أحدهم ثوبًا قيل له: تبْلى ويخلف الله تعالى. وقد رأى النبيصلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد لبس ثوبًا، فقال له:(البس جديدًا، وعش حميدًا، ومت شهيدًا) [ابن ماجه وأحمد وابن السني].
البدءباليمين عند اللبس: على المسلم أن يراعي عند ارتداء الثياب أن يبدأباليمين؛ لما في ذلك من خير وبركة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبهالتيمن في شأنه كله. [متفق عليه] وإذا أراد أن يخلعها فلْيبدأ بالجانبالأيسر.
ذكر الله عند خلع الثياب: فإذا خلع المسلم ثيابه قال: باسمالله الذي لا إله إلا هو. قال صلى الله عليه وسلم: (سَتْرُ ما بين أعينالجن وعَوْرات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: باسم الله) [الطبراني].
نظافةالملبس: المسلم يحرص على أن يكون ثوبه حسنًا نظيفًا، كما يحرص على كيملابسه، فإن نظافة الملبس تعطي الإنسان احترامًا ووقارًا بين الناس.
تعطيره:كان صلى الله عليه وسلم إذا أعطاه أحد عطرًا أو طيبًا لا يرفضه، وكان يحبالروائح الحسنة، ويقول: (حبب إلي من الدنيا النساء والطيب) [النسائي].
ثيابالمرأة: المسلمة تلتزم بالزي الإسلامي، وتلبس ما يستر عورتها، ويغطيبدنها، وهي لا تلبس الملابس القصيرة أو الشفافة أو الضيقة أو ما إلى ذلكمما يؤدي إلى الفتنة، وإشعال نار الشهوة.
لبس أجمل الثياب يوم الجمعةوفي العيدين: قال صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة فأحسن طهوره،ولبِس من أحسن ثيابه، ومسَّ ما كتب الله له من طيب أهله، ثم أتى الجمعة،ولم يلْغُ (لم يخطئ ولم يقل قولا باطلا) ولم يفرِّق بين اثنين: غُفِرَ لهما بينه وبين الجمعة الأخرى) [أبوداود وابن ماجه وأحمد].
ويقول الحسن-رضي الله عنه-: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبسأجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحِّي بأثمن ما نجد. [الحاكم].
(و)آداب المزاح
مرَّالنبي صلى الله عليه وسلم ذاتيوم على جماعة من أصحابه يتسابقون في الرميبالنبال، فقال لهم: (ارموا بنيإسماعيل فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنامع بني فلان). فتوقف أحدالفريقين عن الرمي، فقال لهم الرسول صلى الله عليهوسلم: (ما لكم لاترمون؟). فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي صلىالله عليه وسلم:(ارموا، فأنا معكم كلكم) [البخاري].
***
كان بعضالأحباش يلعبون عندالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، ويلهونبحرابهم، فلما دخل عمر-رضي الله عنه- المسجد أمسك قبضة من الحصى، ورماهمبها، فقال له النبي صلىالله عليه وسلم: (دعهم يا عمر) [البخاري].
ذاتيوم، جاء رجل إلى النبيصلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله، احملني(أي أنه يريد ناقةيركبها) فقال النبي صلى الله عليه وسلم مازحًا: (إناحاملوك على ولدناقة). فظن الرجل أن ولد الناقة سيكون صغيرًا ضعيفًا، ولايقدر على حمله،فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: وما أصنع بولد الناقة؟فقال له النبي صلىالله عليه وسلم: (وهل تلد الإبل إلا النوق) [أبو داودوالترمذي].
الإسلام لا يرفض اللعب واللهو المباح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح مع أصحابه ولا يقول إلا حقَّا.
وهناك آداب يجب على المسلم أن يراعيها في لعبه ومزشكرا منها:
الصدقفيالمزاح: فالمسلم يبتعد عن الكذب في المزاح، وقد حذَّر النبي صلى اللهعليهوسلم من الكذب في المزاح، فقال: (لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يتركالكذبفي المزاحة والمراء) [أحمد والطبراني].
الاعتدال في المزاح: قالصلىالله عليه وسلم: (لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب)[الترمذي].كما يجب على المسلم أن يدرك أهمية الوقت فلا يقضي وقتًا طويلافي المزاحواللعب يترتب عليه تقصير في الواجبات والحقوق.
البعد عنالسخرية: يجبعلى المسلم أن يبتعد في مزشكرا ولهوه عن السخرية والاستهزاءبالآخرين، أوتحقيرهم، أو إظهار بعض عيوبهم بصورة تدعو للضحك والسخرية.يقول تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًامنهم ولا نساء مننساء عسى أن يكن خيرًا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولاتنابزوا بالألقاب بئسالاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك همالظالمون} [الحجرات: 11].
النية الطيبة في المزاح: مثل مؤانسة الأصحاب والتودد إليهم، والتخفيف عن النفس وإبعاد السأم والملل عنها.
اختيارالوقتوالمكان المناسبيْن: هناك أوقات وأماكن لا يجوز فيها الضحك والمزاحواللهو،مثل: أوقات الصلاة، وعند زيارة المقابر، وعند ذكر الموت، وعندقراءةالقرآن، وعند لقاء الأعداء، وفي أماكن العلم.
عدم المزاح فيالزواجوالطلاق والمراجعة: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المزاح فيهذهالأشياء الثلاثة وبيَّن أن المزاح والجد فيها جد، فلو مزح إنسان وطلقزوجتهأصبح الطلاق واقعًا.
قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد وهَزْلُهُن جد: النكاح والطلاق والرجعة (أي أن يراجع الرجل امرأته بعد أن يطلقها) [أبوداود].
عدمالمزاحبالسلاح: المسلم لا يُرعب أخاه، ولا يحمل عليه السلاح، حتى ولو كانيمزحمعه، فربما يوسوس له الشيطان، ويجعله يقدم على إيذاء أخيه المسلم،قالالرسول صلى الله عليه وسلم: (من حمل علينا السلاح فليس منا) [مسلم].
وكذلك المسلم لا يتطاول على أخيه، فيمزح معه مستخدمًا يده؛ لأن ذلك يقلل الاحترام بينهما، وربما يؤدي إلى العداوة.
عدمالمزاحفي أمور الدين: المسلم يحترم دينه، ويقدس شعائره، لذلك فهو يبتعدعنالدعابة التي يمكن أن يكون فيها استهزاء بالله -عز وجل- وملائكتهوأنبيائه،وشعائر ا[/color]لإسلام كل[/size]ها.[/b]
في يوم عيد دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على ابنته السيدة
عائشة-رضي الله عنها- وكانت عندها جاريتان من جواري الأنصار، تُغنِّيان بماقالته الأنصار من شعر عن حرب يوم بُعاث (هي حرب كانت بين الأوس والخزرجقبل الإسلام) فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى اللهعليه وسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذاعيدنا) [البخاري].
***
جعل الله -تعالى- للمسلمين عيدين، هما عيدالفطر، وعيد الأضحى، يأتيان بعد أداء فريضتين من فرائض الإسلام، فيأتي عيدالفطر بعد فريضة صوم رمضان، ويأتي عيد الأضحى بعد أداء فريضة الحج، وأعيادالمسلمين تعبر عن فرحتهم وسعادتهم بما أكرمهم الله به من توفيق وإعانة لهمعلى الطاعة، قال تعالى:
{قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 58].
ومن الآداب التي نراعيها في أعيادنا:
إحياءليلة العيد بالقيام والذكر: فليلة العيد من الليإلى المباركة التي يكثرفيها الخير والأجر والثواب؛ لذا يجب على المسلم أن يحرص في ليلة العيد علىذكر الله والقيام والصلاة حتى يفوز برضا الله -سبحانه-.
الغُسل والتطيبولبس أجمل الثياب: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس عند الخروجإلى صلاة العيد أجمل ثيابه، فعن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: أمرنارسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وكان رسولالله صلى الله عليه وسلم يلبس للعيدين أجمل ثيابه.
[الحاكم].
الأكلقبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر: فمن السنة أن يأكل المسلم تمرات وترًا قبلالذهاب إلى صلاة عيد الفطر، ويؤخر الأكل حتى يرجع من الصلاة في عيدالأضحى؛ فيأكل من أضحيته إن كان قد ضحَّى، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعم، ولا يطعم يومالأضحى حتى يصلي [الترمذي].
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى. [الترمذي]
التبكيرفي الذهاب إلى المصلَّى: المسلم يستيقظ في يومي العيد مبكرًا، فيصليالفجر، ثم يخرج إلى مكان الصلاة، ففي يوم عيد الأضحى، قال النبي صلى اللهعليه وسلم: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر (أينذبح الأضحية) [البخاري].
الصلاة في الخلاء: من السنة أداء صلاة العيدفي الخلاء والأماكن الفسيحة، ما لم يكن هناك عذر كمطر أو نحوه، وقد كانالنبي صلى الله عليه وسلم يخرج في صلاة العيد إلى الخلاء (المصلَّى). ولميصلِّ النبي صلى الله عليه وسلم العيد بمسجده إلا مرة واحدة لنزول المطر،فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أصاب الناسَ مطرٌ في يوم عيد علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم في المسجد. [ابن ماجه].
خروجالنساء والصبيان: يستحب خروج النساء والصبيان في العيدين للمصلى؛ فعن أمعطية الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: (أُمِرْنا أن نُخْرج العواتق(البنات الأبكار) وذوات الخدور، ويعتزل الحُيضُ المُصَلَّى [البخاري].
تأخيرصلاة عيد الفطر وتعجيل صلاة عيد الأضحى: وذلك حتى تصل الزكاة للفقير قبلعيد الفطر، فيسعد بها هو وأبناؤه، ويُعَجَّل بصلاة عيد الأضحى، حتى يتمكنالناس من ذبح أُضحياتهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عيد الفطر بعد الشروق بنحو عشرين دقيقة، ويصلي الأضحى بعد الشروق بنحو عشر دقائق تقريبًا.
عدمالأذان أو الإقامة لصلاة العيدين: فعن جابر بن سَمُرَة -رضي الله عنه-قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغيرأذان ولا إقامة. [الترمذي].
عدم الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها: صلاةالعيد ليس لها سنة قبلها أو بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلموأصحابه يصلون إذا ذهبوا إلى المصلى شيئًا قبل صلاة العيد ولا بَعدها. قالابن عباس -رضي الله عنه-: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد،فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما [متفق عليه].
الجلوس لاستماعالخُطبة بعد الصلاة: فقد كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحىإلى المصلى، وأول شيء يبدأ به هو الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس،والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فعن ابن عمر -رضي اللهعنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر -رضي اللهعنهما- يصلون العيدين قبل الخطبة. [البخاري].
وعن ابن عباس -رضي اللهعنهما- قال: خرجتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى، فصلى، ثمخطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهـن بالصدقة. [البخاري].
المصافحةوالتهنئة: إذا انتهى المسلمون من أداء صلاة العيد، فعليهم أن يبادروابالتصافح والتسليم وتبادل التهنئة، فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِر لهما قبل أن يفترقا [أبوداود والترمذي وأحمد].
الرجوعمن طريق آخر: المسلم يرجع إلى بيته -بعد أداء صلاة العيد- من طريق مخالفلطريق الذهاب، وذلك لتشهد له الملائكة، ويأخذ الأجر باتباع سنة النبي صلىالله عليه وسلم؛ فإنه إذا كان يوم عيد خالف الطريق. [البخاري] ويجوزالرجوع من نفس الطريق، وإن كانت مخالفته أفضل.
صلة الأرحام: فذلك منسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بصلة الأرحام والأقارب وزيارتهموتهنئتهم بالعيد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يبسط له فيرزقه، وينْسَأَ له في أثره، فليصل رحمه [متفق عليه]. وإن كانت صلة الأرحامواجبة في غير أيام العيد، فهي في العيد أولى.
العطف على الفقراءواليتامى: المسلم يكثر من الصدقة والإنفاق على الفقراء والمساكين، ويمسحدموع اليتامى، ويحسن إليهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاةالفطر إلى الفقراء والمستحقين قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، فقال:(أغنوهم في هذا اليوم [البيهقي والدارقطني].
اللعب واللهو المباح: لايمنعنا ديننا السمح من الترويح عن النفس، ومنحها البهجة والسرور، قال أنس-رضي الله عنه-: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبونفيهما، فقال: (قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى[النسائي].
عدم الصوم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوميالعيد سواء أكان الصوم فرضًا أم تطوعًا، قال عمر بن الخطاب -رضي اللهعنه-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين: (أمايوم الفطر ففطركم من صومكم، وأما يوم الأضحى فكلوا من نُسُككم [أحمد]. كمايكره صيام أيام التشريق -وهي الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى-.
التكبيرفي أيام العيدين: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر منالتكبير في يومي العيدين وفي الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى، وهيتسمى: أيام التشريق، حتى عصر اليوم الثالث.
ومن صيغ التكبير: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد [الدارقطني].
فماأجمل الإسلام الذي حرص على أن يدخل الفرحة والبهجة على المسلمين من حينلآخر! فجعل لهم عيدين، يسعدون بهما ويفرحون، وفي هذين اليومين يتصافىالمسلمون جميعًا، فلا مكان للتخاصم بينهم.
(ب) آداب الطعام والشراب
كان عمر بن أبي سلمة -رضيالله عنه- غلامًا صغيرًا تربى عند النبي صلى الله عليه وسلم، وذات يوم جلسيأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يأكل من أمامه، ولا يتأدببآداب الطعام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سَمِّ الله،وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك [متفق عليه].
***
جلس رجل مع النبيصلى الله عليه وسلم على طعام، فأكل الرجل بشماله، فنهاه النبي صلى اللهعليه وسلم عن ذلك، وقال له: (كل بيمينك). فتكبر الرجل وقال: لا أستطيع -معأنه يستطيع أن يأكل بيمينه- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لااستطعت) ما منعه إلا الكبر. فُشُلَّتْ يد الرجل، ولم يقدر على رفعها إلىفمه بسبب كبره ومخالفته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم. [مسلم].
***
الإنسانلا يستغنى في حياته عن الطعام والشراب، لكن المسلم لا ينظر إلى الطعاموالشراب على أنهما هدف وغاية ينبغي أن يسعى إليها، وإنما يجعل طعامهوشرابه وسيلة يتوصل بها إلى الحفاظ على حياته ومرضاة ربه سبحانه.
وهناك آداب يجدر بكل مسلم أن يتحلى بها في طعامه وشرابه، وهي:
الأكلمن الحلال: على المسلم أن يحرص على الأكل من الحلال واجتناب الحرام، يقولتعالى:{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتمإياه تعبدون} [_البقرة: 172]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طلبالحلال واجب على كل مسلم. [الطبراني]. لذلك فالمسلم يبتعد عن الطعاموالشراب المحرم، مثل لحم الخنزير، والدم، والميتة، والخمر،... ويستمتع بماخلقه الله من طيبات.
الاعتدال: فالمسلم يعتدل في الأخذ بأسباب الدنيا وملذاتها، وقد أمر
الله-سبحانه- بالتوسط في الطعام والشراب، فقال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنهلا يحب المسرفين} [الأعراف: 31]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدميوعاءً شرَّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقِمْنَ صلبه، فإن كان لا محالةفثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه [الترمذي].
غسل اليدين قبل الطعام: المسلم يحرص على النظافة، وغسل اليدين قبل الأكل وبعده؛ لأن دينه دين النظافة والطهارة.
التسميةفي أول الطعام: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسمالله -تعالى- فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم اللهأوله وآخره [أبو داود والترمذي]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأىرجلا يأكل، ولم يسَمِّ الله حتى لم يبْقَ من طعامه إلا لقمة، فلما رفعهاإلى فيه (فمه) قال: باسم الله أوله وآخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلمثم قال: (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه.
[أبو داود والنسائي].
عدمعيب الطعام: المسلم لا يعيب طعامًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلمفقد كان لا يعيب طعامًا أبدًا، إن أحبه أكله، وإن كرهه تركه.
النية فيالطعام: المسلم يحول جميع أعماله إلى طاعة وعبادة باستحضار النية الصالحة،فهو يأكل امتثالا لأمر الله -سبحانه- ومن أجل تقوية جسمه والمحافظة علىحياته؛ حتى يؤدي دوره في الحياة ويقوم بعبادة الله.
التفكر في آلاءالله المنعم الرازق: فعلى المسلم أن ينظر فيما أمامه من ألوان الطعاموروائحه المختلفة وأصنافه المتعددة، وقد خرجت كلها من الأرض، فسبحان اللهالذي أنبتها وهيأها للإنسان.
الأكل من جانب الطعام: المسلم يأكل منجانب الطعام مما يليه ولا يأكل من وسطه، وقد أمر صلى الله عليه وسلم عمربن أبي سلمة أن يأكل مما أمامه. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكمطعامًا فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزلمن أعلاها [أبو داود والترمذي].
الاجتماع على الطعام: يستحب الاجتماععلى الطعام لتنزل البركة على الحاضرين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعةيكفي الثمانية [مسلم].
وقد جاء جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم يشكون إليه أنهم يأكلون ولا يشبعون، فقال لهم النبي صلى الله عليهوسلم: (فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه [أبو داود].
عدماستعمال أواني الذهب والفضة: لا يجوز للمسلم أن يستعمل الأواني المصنوعةمن الذهب والفضة في طعامه أو شرابه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنالذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم.[مسلم]. والمسلم يأكل بيده، أو ما تيسر له من أدوات المائدة.
جلسةالطعام: يستحب للمسلم إذا كان يأكل على الأرض أن يجلس على إحدى قدميهويرفع الأخرى، ولا مانع من أن يتناول طعامه على مائدة، ويكره أن يجلسالمسلم متكئًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا آكل متكئًا).[البخاري].
عدم الأكل في الشارع: المسلم يتجنب الأكل والشرب وهو يمشي في الشوارع؛ لأن ذلك لا يتناسب مع آداب الأكل، وينافي آداب الطريق.
كيفيةالشرب: إذا أراد المسلم أن يشرب ماءً أو غيره -مما أحل الله من المشروبات-فعليه أن يشرب على ثلاث مرات وأن يتنفس خارج الإناء، وأن يسمي الله إذاشرب ويحمد الله إذا انتهى، ولا ينفخ في الشراب، فقد كان النبي صلى اللهعليه وسلم لا ينفخ في شراب. [ابن ماجه] وروي أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: (لا تشربوا واحدًا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى
وثلاث، وسمُّوا إذا شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم [الترمذي].
حمدالله عقب الأكل: إذا انتهى المسلم من طعامه فإنه يحمد الله -سبحانه-ويشكره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعامًا فقال: الحمد للهالذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. غفر له ما تقدم من ذنبه[أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد].
وكان النبي صلى الله عليه وسلمإذا رفع مائدته قال: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غيرمَكْفِي ولا مُستغني عنه ربنا [البخاري]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنالله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمدهعليها [مسلم والنسائي والترمذي].
الاقتصاد في الطعام: المسلم يقتصد فيطعامه وشرابه، فهو يشتري كمية الطعام التي تكفيه، حتى لا يضطر إلى إلقاءكميات كبيرة من طعامه في سلة القمامة، فهو يعلم أن هناك من المسلمين فيأنحاء العالم من لا يجد لقمة خبز ولا
شربة ماء.
بقايا الطعام:الإسلام دين النظافة، والمسلم نظيف، لا يلقي القمامة في الشارع، ولكنهيحرص على وضعها في صندوق خاص، فإلقاء القمامة في الشوارع تؤدي إلى كثرةالحشرات، مما يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، وليحرص المسلم على أنيكون طعامه على قدر حاجته، فإن اشترى طعامًا يعلم أنه زائد عن حاجته؛ أهدىلجيرانه منه.
أكل طعام غير المسلمين: أحلَّ الله للمسلم أن يأكل منأطعمة أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) قال تعالى: {اليوم أحل لكمالطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} [المائدة: 5]وذلك بشرط ألا يكون الطعام والشراب حرامًا مثل لحم الخنزير أو الخمر،فعندئذ لا يحل أكله أو
شربه.
(ج)آداب قضاء الحاجة
عنأبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نزلتْفي أهل قُبَاء: {فيه رجاليحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}[التوبة:108]. كانوا يستنجونبالماء، فنزلت فيهم الآية [أبو داود والترمذي
وابن ماجه].
***
قيللسلمانالفارسي -رضي الله عنه- قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة (قضاءالحاجة)[مسلم]. فما أعظم هذا الدين! ما ترك شيئًا -ولو صغيرًا- إلا دلَّالمسلمينعليه، ومن الآداب التي يحرص عليها المسلم في قضاء حاجته:
قـضاءالحاجةفي المكان المخصص: المسلم يجتنب قضاء الحاجة والتبول في مواردالماء، أو فيمكان تجمع الناس أو في ظلهم، أو في الطرقات أو الشوارع علىمرأى من الناس.
قالالرسول صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللَّعَّانين).قالوا: وما اللعانان يارسول الله؟ قال: (الذي يتخلَّى (يقضي حاجته) فيطريق الناس أو في ظلهم[مسلم].
الدخول بالرِّجل اليسرىوالخروجبالرِّجل اليمنى: الخلاء أو دورة المياه مكان توجد فيه النجاسات،لذلكفالمسلم يدخل إليه برجله اليسرى، ويخرج برجله اليمنى.
الدعاءقبلالدخول: يقول: (بسم الله. اللهم إني أعوذ بك من الخُبْثوالخبائث[النسائي]. أي أتحصن وأعتصم بالله من ذكور الشياطين وإناثهم.
عدماصطحابشيء فيه ذكر الله: المسلم لا يدخل الخلاء ومعه مصحف أو شيء فيه ذكراسمالله، إلا إذا كان لا يأمن عليه عند تركه بالخارج؛ وقد كان للنبي صلىاللهعليه وسلم خاتم منقوش فيه: محمد رسول الله.. وكان إذا دخل الخلاءوضعخاتمه. [أبوداود].
عدم التحدث أثناءقضاء الحاجة: فقد مر رجل علىالرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسَلَّمعليه فلم يرد عليه. [مسلم].ويكره أن يجتمع اثنان على قضاء الحاجةويتحدثان، فقد أخبر النبي صلى اللهعليه وسلم أن الله يكره
ذلك.
التعجل في الخروج بعد قضاء الحاجة: فإن أتم المسلم قضاء حاجته، فعليه ألا يطيل المقام في الخلاء، ويخرج سريعًا.
عدم الإسراف في المياه: فالإسراف في كل شيءٍ مذموم، قال تعالى: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31].
استخدام اليد اليسرى: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا بال أحدكم فلا يأخذنَّ ذكره بيمينه، ولا يستنجى بيمينه [متفق عليه].
عدماستقبالالقبلة أو استدبارها: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الغائطفلاتستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط لكن شرقوا أو غربوا[مسلم].
أما إذا كان في البناء كدورات المياه الحالية، فقد أجاز بعض الأئمة له ذلك.
التستر:إذاكان المسلم على سفر أو كان في أرض ليس بها مكانٌ مخصصٌ لقضاء الحاجة،فلهأن يقضيها بعيدًا عن أعين الناس، مع مراعاة التستر، ولا يكشف من عورتهإلاما يحتاج إليه لقضاء حاجته، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرجنا معالنبيصلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايأتيالبَرَازَ (مكان قضاء الحاجة) حتى يتغيب (يختفي) فلا يرَى. [ابنماجه].
ومَرَّصلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: (إنهما ليعذبان، ومايعذبان في كبير:أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشيبالنميمة.
[متفق عليه].
الاستنجاء: وهو تنظيف محل البول أو البراز بالماء أو الحجارة، وقد مدح
الله-سبحانه-الصحابة -رضوان الله عليهم- لاستنجائهم بالماء، فقال تعالى: {فيهرجاليحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108].
الاستجمار: وهو استخدام ثلاثة أحجار في إزالة النجاسة، وذلك عند عدم وجود الماء، ويمكن استخدام المناديل الورقية، أو ما يحل محلها.
عدم التبول في مهب الريح: لئلا ترتد إليه النجاسة.
عدم التبول في الماء الراكد: فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد. [النسائي].
عدم التبول في جحر: خشية أن تصيبه حشرة أو أذى.
الجلوسعندالتبول: الجلوس أثناء التبول أفضل من الوقوف حتى لا يعود رذاذ البولعليه،فتصيبه النجاسة، فإن تأكد من عدم رجوعه عليه يمكن له أن يبول واقفًا.
غسل الأيدي وتنظيفها: المسلم يحرص على غسل يديه بالماء والصابون بعد قضاء حاجته.
الدعاءعندالخروج: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الغائط قال:(غفرانك)[أبوداود]. وكان يقول: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)[ابن ماجه].
الوضوء:كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- يتوضأ بعد أنيقضي حاجته ويصلي، فقال لهالنبي صلى الله عليه وسلم: (يا بلال، حدثنيبأرجى عمل عملتَه في الإسلام،فإني سمعت دَفَّ نعليك بين يدي في الجنة(أي: اذكر لي أفضل عمل عملتهَ؛لأنني سمعت صوت أقدامك في الجنة في رؤيارأيتها بالأمس). قال بلال: ما عملتعملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًافي ساعة من ليل أو نهار إلا صليتُبذلك الطهور ما كُتِبَ لي أن أصلي.[متفق عليه].
(د)آداب النوم
نام الرسول صلى الله عليه وسلم عند أمالمؤمنين السيدة ميمونة -رضي الله عنها- حتى منتصف الليل، ثم استيقظ، فأخذيمسح وجهه بيده ليذهب أثر النوم، وقرأ آخر عشر آيات من خواتيم سورة آلعمران، ثم قام فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى. [البخاري].
***
النومنعمة من نعم الله تعالى، وآية من آياته سبحانه، يقول الله -تعالى-: {ومنآياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوميسمعون} [الروم: 23].
وحتى يستفيد المسلم من نومه، ويجعله طاعة لله ربالعالمين؛ فهناك عدة آداب ينبغي على المسلم أن يراعيها وأن يحرص عليها عندنومه، وهي:
النوم مبكرًا: فالمسلم ينام مبكرًا، ولا يكثر من السهر بعد العشاء إلا لضرورة كمذاكرة علم؛ وذلك ليستيقظ مبكرًا، ويبدأ يومه نشيطًا.
النوم على وضوء: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتَ مضجعكَ فتوضأ وضوءك للصلاة) [متفق عليه].
النوم في مكان نظيف: فالمسلم يحرص على نظافة المكان الذي ينام فيه، فلا يأكل ولا يشرب في مكان نومه.
النومفي مكان آمن: المسلم يحرص على أن ينام في مكان آمن، لا يتعرض فيه لأيةأخطار، فلا ينام -مثلاً- على سطح ليس له سور. قال صلى الله عليه وسلم: (مننام على سطح بيت ليس له حِجَار (سور) فقد بَرِئَتْ منه الذمة (أي لا ذنبلأحد فيما يحدث له) [أبو داود].
الدعاء عند النوم: فهناك أدعية وأذكار مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلم أن يحافظ عليها عند نومه ومنها:
-(باسمك اللهم أموت وأحيا) [البخاري].
-(باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) [البخاري].
-(اللهمأسلمتُ نفسي إليك، ووجهتُ وجهي إليك وفوضتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك،رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأَ ولا منجى منك إلا إليك، آمنتُ بكتابك الذيأنزلتَ، وبنبيكَ الذي أرسلتَ) [البخاري].
-سبحان الله (33) مرة، الحمد لله (33) مرة، الله أكبر (43) مرة. [البخاري].
-قراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة.
النوم على الجنب الأيمن: فالمسلم يبدأ بالنوم على شقه الأيمن، ولا بأس من التحول إلى الشق الأيسر فيما بعد ذلك.
محاسبةالنفس: فالمسلم يعلم أن النوم موتة صغرى قد لا يقوم منها، لذا فهو يحاسبنفسه على ما فعل في يومه، فإن كان خيرًا حمد الله، وعزم على المزيد، وإنكان شرَّا طلب من الله المغفرة والتوبة.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزَنوا.
الالتزامبآداب الرؤيا: فإن كانت الرؤيا خيرًا فليستبشر بها ويذكرها لإخوانه، وإنكانت الرؤيا محزنة فلا يذكرها لأحد وليستعذ بالله من شرها.
قيام الليل: المسلم يحرص على صلاة القيام والتهجد في الليل. قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) [مسلم].
الحرص على صلاة الفجر: فيجب على المسلم أن يستيقظ مبكرًا ويصلي الفجر، ولا يظل نائمًا حتى شروق الشمس.
الدعاءعند الاستيقاظ من النوم: إذا استيقظ المسلم من نومه فإنه يقول: الحمد للهالذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. ثم يغسل يديه ويتوضأ.
تقليل ساعات النوم: الاعتدال في كل شيء هو سمة من سمات المسلم، فهو لا يسرف في النوم؛ لأن كثرة النوم تؤدي إلى الكسل والخمول.
(ه)آداب اللباس
دخل أحد الصحابة على رسول الله صلىالله عليه وسلم، وكان يلبس خاتمًا من ذهب، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلمبيده، وخلع الخاتم من إصبعه، وألقى به على الأرض، وقال: (يعمد أحدكم إلىجمرة من نار فيجعلها في يده) ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضالناس للرجل: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا. والله لا آخذه أبدًا وقد ألقاهرسول الله صلى الله عليه وسلم.
***
كان العرب قبل الإسلام يطوفونحول الكعبة وهم عراة، يقصدون بذلك أن يتجردوا من كل الثياب التي عصوا الله-تعالى- فيها، فأتى الإسلام وأكد أن العبرة بطهارة الجوهر مع التحليبالزينة المناسبة، قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}[الأعراف: 31].
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع صحابته فقال لهم:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر). فقال رجل: إن الرجل يحبأن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة. فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن حُسنالمظهر وجمال الملبس أمر حسن يحبه الإسلام وليس من الكبر، قائلا: (إن اللهجميل يحب الجمال. الكِبْرُ بطر الحق (إي إنكاره) وغمط الناس (أي احتقارهم)
[مسلم].
والمسلميعلم أن الملابس نعمة من الله تعالى لعباده؛ فبها يسترون عوراتهم، ويتقونالحر والبرد، قال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر}
[النحل: 81].
وقالتعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا ولباسالتقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} [الأعراف: 26]. وهكذا ترشدالآيات إلى أهمية الملابس التي تستر النفس، كما ترشد إلى أن خير ما يسترالإنسان به نفسه التقوى؛ لأنها تقي صاحبها من عذاب الله وغضبه، كما تقيالثياب الجسد من الحر والبرد.
ويقول الشاعر:
إذا المرءُ لم يلبسْ ثيابًا من التُّقـى
تقلب عُريانًا وإن كـأن كـاسـيـا
وخير لـباس المـرءِ طاعة ربـه
ولا خيـر فيمن كان لله عـاصــيا
وهناك آداب يحرص المسلم على الالتزام بها في زيه ولباسه، منها:
عدم التباهي بها: فعلى المسلم ألا يتخذ من ملابسه وسيلة للمباهاة والتفاخر.
وليسمن التباهي حب المرء أن يكون ثوبه حسنًا وملبسه حسنًا، فقد ظن بعض الصحابةأن ذلك من التباهي والكبرياء فحزن لذلك، فطمأنه الرسول صلى الله عليه وسلموقال: (إن الله جميل يحب الجمال) [مسلم].
التوسط: فلا تكون باهظة الثمن؛ لأن ذلك من قبيل الإسراف، ولا تكون رخيصة، بل تكون متوسطة. فالتوسط في الأمور كلها مطلوب ومحمود.
مناسبتهاللمرء: فلا تلبس النساء ملابس الرجال، ولا يلبس الرجال ملابس النساء. وفيالحديث: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبسة المرأة،والمرأة تلبس لِبسة الرجل) [أبو داود].
ألا يلبس الرجال الحرير والذهب: قال صلى الله عليه وسلم: (حُرِّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم) [أحمد والترمذي].
الجمالوالتناسق: بحيث تكون مناسبة للحجم، فلا يرتدي الصغير ملابس الكبير، ولايرتدي الكبير ملابس الصغير حتى لا تبعث على السخرية، ويحسن أن تكونألوانها متناسقة.
التصدق بالملابس: فيقوم المسلم بإعطائها من يستحقتقربًا إلى الله -تعالى-. قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم كسا مسلمًاثوبًا إلا كان في حفظٍ من الله ما دام منه عليه) [الترمذي].
ارتداءالثياب البيضاء: قال صلى الله عليه وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنهاأطهر وأطيب، وكَفِّنوا فيها موتاكم) [النسائي]. وهذا الأمر على سبيلالاستحباب، وليس الإلزام، فلا مانع أن يلبس الإنسان من الألوان الأخرى مايناسبه.
شكر الله على الثوب الجديد: فقد كان رسول الله صلى الله عليهوسلم إذا لبس ثوبًا جديدًا سماه باسمه -قميصًا أو رداءً أو عمامة- ثميقول: (اللهم لك الحمد. أنت كسوتَنيه أسألك من خيره وخير ما صُنع له،وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) [أبوداود والترمذي].
والمسلم يحمد ربهعلى نعمة الثياب والملابس، فيقول: (الحمد لله الذي كساني ما أواري بهعورتي وأتجمل به في الناس) [الترمذي]. وكان أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم إذا لبس أحدهم ثوبًا قيل له: تبْلى ويخلف الله تعالى. وقد رأى النبيصلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد لبس ثوبًا، فقال له:(البس جديدًا، وعش حميدًا، ومت شهيدًا) [ابن ماجه وأحمد وابن السني].
البدءباليمين عند اللبس: على المسلم أن يراعي عند ارتداء الثياب أن يبدأباليمين؛ لما في ذلك من خير وبركة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبهالتيمن في شأنه كله. [متفق عليه] وإذا أراد أن يخلعها فلْيبدأ بالجانبالأيسر.
ذكر الله عند خلع الثياب: فإذا خلع المسلم ثيابه قال: باسمالله الذي لا إله إلا هو. قال صلى الله عليه وسلم: (سَتْرُ ما بين أعينالجن وعَوْرات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: باسم الله) [الطبراني].
نظافةالملبس: المسلم يحرص على أن يكون ثوبه حسنًا نظيفًا، كما يحرص على كيملابسه، فإن نظافة الملبس تعطي الإنسان احترامًا ووقارًا بين الناس.
تعطيره:كان صلى الله عليه وسلم إذا أعطاه أحد عطرًا أو طيبًا لا يرفضه، وكان يحبالروائح الحسنة، ويقول: (حبب إلي من الدنيا النساء والطيب) [النسائي].
ثيابالمرأة: المسلمة تلتزم بالزي الإسلامي، وتلبس ما يستر عورتها، ويغطيبدنها، وهي لا تلبس الملابس القصيرة أو الشفافة أو الضيقة أو ما إلى ذلكمما يؤدي إلى الفتنة، وإشعال نار الشهوة.
لبس أجمل الثياب يوم الجمعةوفي العيدين: قال صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة فأحسن طهوره،ولبِس من أحسن ثيابه، ومسَّ ما كتب الله له من طيب أهله، ثم أتى الجمعة،ولم يلْغُ (لم يخطئ ولم يقل قولا باطلا) ولم يفرِّق بين اثنين: غُفِرَ لهما بينه وبين الجمعة الأخرى) [أبوداود وابن ماجه وأحمد].
ويقول الحسن-رضي الله عنه-: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبسأجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحِّي بأثمن ما نجد. [الحاكم].
(و)آداب المزاح
مرَّالنبي صلى الله عليه وسلم ذاتيوم على جماعة من أصحابه يتسابقون في الرميبالنبال، فقال لهم: (ارموا بنيإسماعيل فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنامع بني فلان). فتوقف أحدالفريقين عن الرمي، فقال لهم الرسول صلى الله عليهوسلم: (ما لكم لاترمون؟). فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي صلىالله عليه وسلم:(ارموا، فأنا معكم كلكم) [البخاري].
***
كان بعضالأحباش يلعبون عندالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، ويلهونبحرابهم، فلما دخل عمر-رضي الله عنه- المسجد أمسك قبضة من الحصى، ورماهمبها، فقال له النبي صلىالله عليه وسلم: (دعهم يا عمر) [البخاري].
ذاتيوم، جاء رجل إلى النبيصلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله، احملني(أي أنه يريد ناقةيركبها) فقال النبي صلى الله عليه وسلم مازحًا: (إناحاملوك على ولدناقة). فظن الرجل أن ولد الناقة سيكون صغيرًا ضعيفًا، ولايقدر على حمله،فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: وما أصنع بولد الناقة؟فقال له النبي صلىالله عليه وسلم: (وهل تلد الإبل إلا النوق) [أبو داودوالترمذي].
الإسلام لا يرفض اللعب واللهو المباح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح مع أصحابه ولا يقول إلا حقَّا.
وهناك آداب يجب على المسلم أن يراعيها في لعبه ومزشكرا منها:
الصدقفيالمزاح: فالمسلم يبتعد عن الكذب في المزاح، وقد حذَّر النبي صلى اللهعليهوسلم من الكذب في المزاح، فقال: (لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يتركالكذبفي المزاحة والمراء) [أحمد والطبراني].
الاعتدال في المزاح: قالصلىالله عليه وسلم: (لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب)[الترمذي].كما يجب على المسلم أن يدرك أهمية الوقت فلا يقضي وقتًا طويلافي المزاحواللعب يترتب عليه تقصير في الواجبات والحقوق.
البعد عنالسخرية: يجبعلى المسلم أن يبتعد في مزشكرا ولهوه عن السخرية والاستهزاءبالآخرين، أوتحقيرهم، أو إظهار بعض عيوبهم بصورة تدعو للضحك والسخرية.يقول تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًامنهم ولا نساء مننساء عسى أن يكن خيرًا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولاتنابزوا بالألقاب بئسالاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك همالظالمون} [الحجرات: 11].
النية الطيبة في المزاح: مثل مؤانسة الأصحاب والتودد إليهم، والتخفيف عن النفس وإبعاد السأم والملل عنها.
اختيارالوقتوالمكان المناسبيْن: هناك أوقات وأماكن لا يجوز فيها الضحك والمزاحواللهو،مثل: أوقات الصلاة، وعند زيارة المقابر، وعند ذكر الموت، وعندقراءةالقرآن، وعند لقاء الأعداء، وفي أماكن العلم.
عدم المزاح فيالزواجوالطلاق والمراجعة: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المزاح فيهذهالأشياء الثلاثة وبيَّن أن المزاح والجد فيها جد، فلو مزح إنسان وطلقزوجتهأصبح الطلاق واقعًا.
قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد وهَزْلُهُن جد: النكاح والطلاق والرجعة (أي أن يراجع الرجل امرأته بعد أن يطلقها) [أبوداود].
عدمالمزاحبالسلاح: المسلم لا يُرعب أخاه، ولا يحمل عليه السلاح، حتى ولو كانيمزحمعه، فربما يوسوس له الشيطان، ويجعله يقدم على إيذاء أخيه المسلم،قالالرسول صلى الله عليه وسلم: (من حمل علينا السلاح فليس منا) [مسلم].
وكذلك المسلم لا يتطاول على أخيه، فيمزح معه مستخدمًا يده؛ لأن ذلك يقلل الاحترام بينهما، وربما يؤدي إلى العداوة.
عدمالمزاحفي أمور الدين: المسلم يحترم دينه، ويقدس شعائره، لذلك فهو يبتعدعنالدعابة التي يمكن أن يكون فيها استهزاء بالله -عز وجل- وملائكتهوأنبيائه،وشعائر ا[/color]لإسلام كل[/size]ها.[/b]